خطة البحث
كتابة مقدمة البحث
كالباب للمبنى السكني هذا هو الوصف الذي نصف به كتابة مقدمة البحث، وكأن الباحث يضع المقدمة ليقف أمامها القارئ ومن ثم يتفضل باستكمال قراءة باقي مضمون البحث.
وتتطلب كتابة مقدمة البحث فنون ومهارات علمية وحسية. أما المهارات العلمي فهي القواعد والأسس والتنظيم وما تحتويه المقدمة من معلومات. أما المهارات الحسية فهي صبغة الباحث وطريقته الصياغية في جذب انتباه القارئ لاستكمال القراءة.
و كذلك تعتبر المقدمة من العناصر الأساسية التي لابد من وجودها في الأبحاث، ولهذا نكتب هذا المقال متعرفين فيه على تفاصيل شاملة ودقيقة حول مقدمة البحث.
المقصود بمقدمة البحث:
مقدمة الشيء تعني واجهته الأولى أو أول ما يشاهد، ولكن هذا المعنى ليس هو المطلوب بحذافيره في مقدمة البحث، حيث ستتعرف لاحقاً أن كتابة مقدمة البحث لا تعني أنها أول عمليات الكتابة لعنصر من عناصر البحث.
ولهذا لابد أن نضع النقاط على الحروف في التعريف الاصطلاحي الكامل لمقدمة البحث والتي هي: مضمون تمهيدي يعبر عن مضمون البحث ويهيء القارئ للدخول في الإطار النظري، حيث تكون المقدمة شاملة على تسلسل معلوماتي يفسر العديد من الأسئلة التي قد يسألها القارئ عن محتوى البحث و كذلك طبيعة كتابته.
ونختصر العديد من النقاط الهامة فيما يتعلق بمقدمة البحث وهي:
- تكتب على شكل فقرات تكون كل فقرة شاملة على وظيفة محددة.
- لا تتعدى عدد كلماتها ال500 كلمة، وذلك في أغلب الجامعات والمراكز البحثية.
- لابد أن ترتبط بباقي عناصر البحث كلها لاسيما الإطار النظري.
الوظائف التي تؤديها المقدمة:
قبل التعرف على طريقة كتابة مقدمة البحث، لابد أن نفهم الوظائف التي تؤديها هذه المقدمة، لنتمكن من التعامل مع السياق المعلوماتي فيها، وأهم هذه الوظائف ما يلي:
- الوظيفة الأساسية للمقدمة هي التمهيد، فيجب تهيئة القارئ قبل أن يدخل في صلب البحث.
- وظيفة جذب القارئ لاستكمال القراءة، فالمقدمة تعمل على إظهار جودة البحث وتشويق القارئ للاستزادة من المعلومات الموجودة في الإطار النظري.
- تقديم طرح من المعلومات التي توضح طبيعة محتويات البحث. وذلك من خلال الشرح المبسط للمشكلة وجوانبها و كذلك كيف سيتم تناولها في البحث.
- بيان أهمية البحث ولماذا تم اختيار الموضوع الذي يتناوله للكتابة عنه.
- إظهار النصائح والارشادات للقارئ التي يجب أن يتبعها. ليتمكن من التحصيل الأكبر من الفائدة التي تعكسها معلومات البحث.
- بيان أهم المتغيرات المتفاعلة في مضمون الإطار النظري.
- تكوين صورة ذهنية مبدئية عن محتوى الدراسة.
- يمكن اعتبارها رسالة خطاب غير مباشرة بين الباحث وجمهور القراء والباحثين والمشرفين.
- تؤدي المقدمة وظيفة ضبط التشتت الذي قد يكون متأصل في ذهن القارئ حول مجتوى الدراسة. فالمقدمة تظهر بالتفصيل أهم الجوانب التي سيتم الحديث عنها مما يجعل التشتت ينحصر بشدة.
كيف تكتب مقدمة البحث؟
عملية كتابة مقدمة البحث يلزمها اتباع خطوات لتصل إلى مقدمة كاملة العناصر، وهذه الخطوات تأتي وفق ترتيب منطقي لما تتحدث عنه كل فقرة من فقرات المقدمة، والتي سنعرضها في النقاط التالية:
- تبدأ المقدمة بالحديث عن الموضوع العام الذي يتناوله الباحث. وذلك شامل على وصف للموضوع وسبب اختياره وأهمية اختياره.
- قد تتجاوز الخطوة السابقة الفقرة الواحدة لتصل إلى فقرتين وهذا الأمر لا بأس به، ولكن يجب أن تستوفي تلك الخطوة كامل الشرح المبسط عن موضوع البحث.
- في الخطوة الثانية يتم الحديث على كيفية تناول موضوع البحث في سياق الإطار النظري. وتكون هذه الفقرة أشبه باختصار كامل لكافة المعلومات التي وردت في خطة الدراسة.
- بيان أهمية البحث وفوائده العائدة على كل من الجمهور ومجتمع الدراسة و كذلك الباحثين أمر لابد من التطرق له في كتابة مقدمة البحث.
- باقي الفقرات تظل فقرات ذات مساحة حرية يضع فيها الباحث بنات أفكاره حول التقديم للبحث، ومن اللفتات الرائعة في مثل هذه الفقرات أن يكتب الباحث تساؤلات موجهة بشكل مباشر للقارئ ليتفاعل القارئ مع المقدمة ويتحمس لاستكمال القراءة.
- آخر الفقرات تشمل معلومات أكثر جاذبية لاستكمال قراءة البحث، أو دعوة صريحة من الباحث للقارئ ليكمل القراءة، على سبيل المثال كتابة: ( ولتعرف كل هذه الأمور والعديد من الحيثيات الأخرى اقرأ الفصول في باقي البحث لتجد المعلومات التي تجيبك بشكل كامل عن كامل التساؤلات المثارة حول هذا الموضوع).
في فقرة التعرفة على كيف تكتب المقدمة لابد من التأكيد على أن عدد الكلمات لا يتجاوز ال500 كلمة، وهذا ما هو متعارف عليه في أغلب الجامعات، ولكن بعض الجامعات الأخرى يزيد العدد إلى 700 أو 1000 كلمة لاسيما في الأبحاث للتخصصات العلمية مثل الطب والهندسة.
فوائد كتابة المقدمة:
من أهم العناصر التي تكتب في البحث هي المقدمة، وذلك لأنها تعكس الكثير من الفوائد. ولو أمسكنا بحثين أحدهما يحتوي على مقدمة. والثاني لا يحتوي على مقدمة فستلاحظ بشكل كبير الفرق بينهما وتستشعر الفائدة الكبيرة للمقدمة. وفي النقاط التالية نعرض مجموعة من هذه الفوائد:
- لو دخل القارئ بشكل مباشر لمضمون البحث دون وجود ما يمهده لهذا فسيكون وكأنه اصطدم مباشرة بالمعلومات مما سيسبب النفور لديه من استكمال القراءة.
- ( كسر حاجز الخوف ) هذا المصطلح يليق على وصف فائدة مهمة للمقدمة. وهي كسر الخوف لدى القارئ من قراءة البحث نتيجة ظنون بالصعوبة أو عدم تهيئة متكاملة للمعلومات وغيره.
- تعطي المقدمة مساحة للباحث ليعبر عما يجول في خاطره تجاه موضوع البحث وكيفية تقديمه للقارئ. مما يجعل المقدمة تبدو كخطاب من الباحث للقارئ يوضح له فيها العديد من الأمور التي لا يفهم البحث إلا في ظلها.
- من الفوائد أنها توضح عناصر أساسية في البحث مثل المتغيرات، وتختصر كامل معلومات الخطة.
- جذب القارئ وتشويقه لمعرفة المزيد، تعتبر من الفوائد الرئيسية التي لابد أن تحققها المقدمة.
- تعطي البحث شكل تنظيمي مميز، بحيث تكون كالإشارة الخضراء التي تسمح بالمرور إلى باقي تفاصيل البحث.
لفتات للخروج بمقدمة احترافية:
الوصول إلى الاحترافية في كتابة مقدمة البحث. يتطلب مهارات ولفتات تجعل القارئ يستشعر بمعنى الاحترافية بشكل ملحوظ. وفي هذه الفقرة نضع مجموعة من اللفتات التي تسير بالباحث نحو كتابة مقدمة احترافية:
- اجعل التعريف بموضوع البحث يضيف شيء جديد على ما هو موجود في خطة البحث. حيث يتم الشرح المبسط للموضوع في المقدمة وفي الخطة أيضاً.
- نوع في استخدام الأساليب، فمنها السرد ومنها المخاطبة والحوار ومنها المقارنة وغير ذلك الكثير.
- أطلق العنان لفكرك في التعبير عما تريد إيصاله للقارئ، واجعل نفسك المتحدث والمحاور للقارئ.
- اجعل القارئ يشعر بأنه مشارك معك في النقاش الذي تؤديه في المقدمة، على سبيل المثال وجه سؤال للقارئ ( فإذا كنت تعتقد أن فايروس كورونا سيخرج منه متحورات جديدة فإن اعتقادك هذا على درجة من الصواب والدليل ما ستجده في سياق الإطار النظري من اثباتات واحصائيات)، فهنا جعلت القارئ يسأل نفسه ( هل أنا أعتقد أن فايروس كورونا سيعود بمتحورات جديدة أم لا؟).
- الأسلوب الأدبي من أجمل الأساليب التي يمكنك استخدامها في كتابة مقدمة البحث، ولكن ليس بشكل كبير لكي لا تطغى على طرح المعلومات، على سبيل المثال تكتب ( ومن دوحة المعارف اقتبسنا رشفات من رحيق العلم من مراجع يانعة وفواحة بالمعلومات القيمة مثل كذا وكذا).
- ركز بشدة على سؤال تسأله لنفسك ( كيف أجعل المقدمة مؤثرة في نفس القارئ لينجذب لاستكمال القراءة؟).
- حاول قدر استطاعتك الحديث باختصار عن محتويات الإطار النظري. بصورة توضح للقارئ أن الإطار النظري سهل وشيق ولا داعي للرهاب من قراءته.
- الانتقال من فقرة لأخرى يتطلب منك سلاسة الطرح بأن تجعل كل الفقرات مترابطة باستخدام أدوات الربط المناسبة.
- لا تنسى مخاطبة الباحثين الذين قد يتجهون لاقتباس المعلومات من بحثك وإلحاق تلك الاقتباسات في أبحاثهم الخاصة.
أين يقع مكان المقدمة في البحث؟
سؤال يتطلب النقاش وعرض الآراء الدائرة حوله، حيث تختلف هذه الآراء ويضع كل رأي براهين لإثبات الصحة، ورغم أن كلمة ( مقدمة ) يستلهم منها أنها تقع في أول البحث قبل أي عنصر آخر، إلا أن الحقيقة العلمية تثبت أنه من الممكن أن يسبقها بعض العناصر وهذا ما سنتطرق له في سياق النقاط التالية:
أولاً: يرى هذا الرأي أن المقدمة لابد أن تكتب خلف صفحة الغلاف مباشرة وقبل أي عنصر آخر. ويستند أصحاب هذا الرأي في أن المقدمة تؤدي مهمة التمهيد لكافة عناصر الدراسة. وأنها لابد أن تكون أول ما يقرأه القارئ.
ثانياً: أما الرأي الثاني فيرى أن تكتب بين خطة البحث وبين الإطار النظري، وهذا الرأي يعتمد على أن خطة البحث هي أساس التمهيد للبحث وليست المقدمة، و كذلك الخطة تحتوي على تنظيم وتفصيل للمعلومات أكثر، و كذلك المقدمة تكون في الأساس مقدمة للإطار النظري لا للبحث بشكل عام.
ثالثاً: هذا الرأي يساند الرأي السابق بشدة ويضيف أن المقدمة يسبقها عنصرين هما الخطة والملخص. باعتبار أن المقدمة تمهيدية للفصول الممثلة للإطار النظري.
ونرى نحن أن الرأي الأول هو الأضعف من بين الأراء الثلاثة، و كذلك لا نحبذ الرأي الثالث فيما يتعلق بالملخص الذي نرى أنه يكتب بعد قائمة النتائج، ولكن بالنسبة للرأي الثاني فهو الأقوى حيث أن الخطة هي الممهد الأكثر تأثيراً بما تشمله من تسلسل للمعلومات واختصارها للعديد من الأمور الموضحة لطبيعة اجراءات البحث، و كذلك لأن المقدمة بالفعل تتحدث بشكل أكبر عما هو موجود في الإطار النظري وفي قائمة النتائج.
ولهذا ننصح باتباع الرأي الثاني، ويظل الأمر متروك على حسب رأي المشرف على بحثك والسياسة التحريرية للجامعة أو المركز البحثي.
هل المقدمة عنصر من الخطة أم هي عنصر من الإطار النظري؟
بعض المختصون يقول أن المقدمة عنصر من عناصر الخطة، ولكن البعض الآخر يرى أنها منفصلة عن الخطة، والأصح أنها منفصلة عن الخطة كونها تشمل على معلومات تختصر كامل ما جاء في الخطة، وكونها تمهد أكثر للدخول في الإطار النظري.
أما بالنسبة لكون المقدمة عنصر من عناصر الإطار النظري فهذا لم يرجحه أي من المختصين. فالكل يرى أنها عنصر يسبق الإطار النظري على كل الأحول.
ولكن في لفتة هامة نورد أن بعض الأبحاث نجد فيها مقدمة خاصة بكل فصل من الفصول المكونة للإطار النظري، وهذه الطريقة تعتبر استحسانية إضافية، بمعنى أن المقدمات الخاصة بفصول الإطار النظري ليست عنصر أساسي من عناصر البحث، ولكنها تؤدي وظيفة هامة وتعكس العديد من الفوائد.