تحيط بالعملية المعرفية أخلاقيات كأنها أطواق نجاة للرقي بالبحث والمعرفة ومعرفة كيف تتجنب السرقة العلمية؟ يعتبر إحدى تلك الأطواق التي يتشبث بها الباحث ليظل في حمى أخلاقيات البحث العلمي.
وكيف تتجنب السرقة العلمية؟ يتطلب معرفة ما هي السرقة العلمية وأنواعها ومن ثم تحديد طرق تجنبها.
(ليلة أمس تعرض محل المجوهرات في شارع المدينة للسرقة). عند سماع هذه العبارة يكون المعنى قد وصل كاملاً بأن شيء قد تم سلبه من محل للمجوهرات في اعتداء على ملكية الغير.
هذا المفهوم ذاته ينطبق على السرقة العلمية. حيث تعرف بأنها أخذ اقتباسات من أعمال معرفية لكتاب آخرين دون توثيقها ونسبتها إلى كتابتها الحقيقيين بشكل صحيح.
وإن كانت السرقة العادية تتعلق بالأمور المادية. فإن السرقة العلمية تتعلق بأمور أهم وهي المجهود الفكري.
وللسرقة العلمية العديد من المصطلحات الأخرى من أهمها الانتحال والسرقة الفكرية والاستلال.
للسرقة العلمية أنواع لابد من معرفتها لتضع قدميك على بداية طريق الوصول إلى كيف تتجنب السرقة العلمية؟. فهذه الأنواع توضح على ماذا تتم هذه السرقة بالتحديد:
أولاً: انتحال النص دون المعنى: وهي أن يأخذ الشخص النص المجرد بالكلمات والجمل والفقرات. وإلحاقه في بحث آخر دون توثيقه.
ثانياً: انتحال المعنى دون النص: يتم فيه أخذ المعنى وتوظيفه في مضمون آخر دون الاشارة إلى مصدر المعنى الحقيقي. وهذا النوع يكثر في الأعمال الأدبية مثل الشعر والروايات والمسرحيات.
ثالثاً: الانتحال للنص والمعنى معاً: يؤخذ فيه النص والمعنى كما هما في المضمون الأصلي ويتم الحاقها بمضمون آخر، وهو أكثر الأنواع انتشاراً وأخطرها.
وهناك تصنيف آخر لهذه الأنواع مثل الانتحال الكلي والانتحال الجزئي. فالانتحال الكلي هو أخذ كامل العمل ونسبته إلى غير كاتبه
أما الانتحال الجزئي فهو أخذ جزء من البحث الأصلي كاقتباس وإلحاقه ببحث آخر دون توثيقه بشكل صحيح.
أول ما تواجه به السرقة العلمية وتجنبها هي عملية التوثيق الصحيحة لأي اقتباس سواء كان اقتباساً للنص أو المعنى.
فكيف تتجنب السرقة العلمية؟ نجيبك مباشرة بالتوثيق الصحيح. وفيما يلي من نقاط محددات توضح كيف يكون الاقتباس خط الدفاع الأول لتجنب السرقة العلمية:
باختصار فتوثيق الاقتباسات يقول أن هذا الاقتباس مأخوذ من المضمون كذا لكاتبه كذا.
كما يمكن توثيق الاقتباسات في سياق الكلام، على سبيل المثال كتابة (وقد أشار د/ محمد أحمد علي إلى ذلك في كتابه علم النفس التربوي حيث قال………….).
كثير من الباحثين يقعون في السرقة العلمية دون قصد، وذلك سهواً أو لعدم معرفتهم بمعنى الانتحال وكيفية تجنبه.
في النقاط التالية نجمع أهم الحالات التي تجعلك تقع في الانتحال دون قصد:
ضياع المجهودات التي وضع فيها الباحث عصارة فكر وصياغة معلومات وبذل جهداً جسدياً وتكاليف مالية أيضاً، كفى بهذا فقط خطورة للسرقة العلمية، ولكنها لا تقف عند هذا فحسب فهي تعكس المخاطر التالية أيضاً:
بطريقتين أساسيتين يمكن الكشف عن السرقة العلمية. وهاتين الطريقتين تعتمدان على الفكر وعلى البرامج. وفيما يلي ايضاح لهما:
أولاً: الطريقة اليدوية: وهي الأنجح والأضمن والأصعب، حيث تتم عن طريق أشخاص مختصين ولهم علم واسع بما تحتويه مضامين الكتب والأبحاث، فيتم عرض المضمون على هذا المختص ويقوم بمراجعته، ووفق خبراته يحدد مواطن الانتحال إن وجدت.
هذا النوع معتمد بكثرة في المضامين الأدبية، على سبيل المثال يوجد مختصين في الأشعار يعلمون أسلوب وطريقة كتابة أهم الشعراء، كما يحفظون منتجات أولئك الشعراء، وبهذا يمكنهم تمييز ما إذا كان الشعر الذي أمامهم قد انتحل من الأشعار التي يختصون بها أم لا.
ثانياً: المواقع والبرامج الالكترونية: وهي تطبيقات حاسوبية تقوم على فكرة مقارنة النص بملايين المضامين الموجودة على الانترنت وتحديد نسبة الاقتباس وأماكنها، ويمكن بعدها تحديد إذا ما كان الشخص قد قام بتوثيق الاقتباسات بشكل صحيح أم لا.
ولكن هذه المواقع لا تعطي نتائج صحيحة 100%، فهي تقارن فقط، ولا يمكن أن يخلو أي بحث من تشابه في النصوص مع ملايين الأبحاث الأخرى لاسيما ونحن في عصر ازدهار المعرفة.
كما أن هذه المواقع تقوم بالكشف عن التشابه في النصوص دون النظر إلى المعنى.
وللأسف تقوم بتعليم حتى الكلمات، على سبيل المثال كان البحث يتحدث عن (تطبيقات الهواتف الذكية)، فكلما ورد مصطلح (الهواتف الذكية ) داخل البحث تقوم هذه البرامج بتعليمه على أنه اقتباس، ولهذا لا ننصح بالتعامل معها إلا كتطبيقات مساعدة فقط.
ومن أشهر هذه التطبيقات ما يلي:
_ موقع (checkforplagiarism) www.checkforplagiarism.net
_ وموقع (plagiarism) www.plagiarisma.net
_ تطبيق (plagtracker) www.plagtracker.com
_ موقع (plagscan) https://www.plagscan.com/login?lang=en
_ تطبيق (duplichecker) www.duplichecker.com
من الأسئلة الجدلية التي تطرح في الحديث عن السرقة العلمية، فيرى البعض أن إعادة الصياغة هي سرقة علمية، ويرى البعض أنها غير ذلك.
والناظر إلى مفهوم السرقة العلمية يجد أنها ترتبط بالمعنى والنص معاً، و بالتالي يكون إرجاح كفة أن تكون إعادة الصياغة سرقة علمية هو الأكبر.
ومفهوم إعادة الصياغة يتلاقى مع السرقة العلمية في بعض المحددات، فإعادة الصياغة هي عملية كتابة المعلومات المقتبسة ولكن باستخدام صياغة ونمط سردي آخر غير الموجود في النص الأصلي.
من الوسائط التي يكثر فيها السرقة العلمية هي الترجمة، و كذلك تعرف الترجمة بأنها نقل مضمون من لغة إلى لغة أخرى.
فالمصادر والمراجع المترجمة لابد من توثيقها، ولابد أن يتم الاشارة إلى أن هذا الاقتباس مترجم من مادة أخرى، وتتم عملية توثيق الاقتباسات المترجمة وفقاً لما يلي:
ويكون توثيق الاقتباس المترجم مثل هذا النموذج: أنظر: Pharaonic civilization in Egypt (الحضارة الفرعونية في مصر). William Crum، ترجمة: أحمد محمد مصطفي، دار نشر المستقبل، 2019م.
يوجد ميثاق أخلاقي كامل صادر عن منظمة اليونسكو يشمل على بنود أساسية في ضبط أخلاقيات البحث. ومنها بنود كثيرة تحذر وتدين السرقة العلمية.
أما بالنسبة للإجراءات القانونية لمحاربة السرقة العلمية فهي موجود في أغلب الدول. ولكنها غير مطبقة إلا في عدد قليل منها ومن أهمها مصر والسعودية وأمريكا وفرنسا.
وتتجه العقوبات القانونية على المنتحل بدفع غرامة مالية للدولة، و كذلك دفع تعويض مالي للكاتب الأصلي الذي تم انتحال كتاباته، وتوقيع تعهدات بعدم تكرار العملية.
وفي أمريكا تصل بعض المرافعات القانونية للسجن لمدة 6 شهور، وتتطلب التنازل من المتضرر أو توقيع اتفاق صلح.
وبالنسبة للجامعات فتشتهر بصرامتها في محاربة السرقة العلمية، وقد يتعرض الطالب المنتحل لعقوبات قاسية كأن يحرم من تقديم الاختبارات لفترة زمنية، أو منه من التسجيل لمدة فصل دراسي، ولربما وصل الأمر لفصل الطالب من الجامعة لاسيما في انتحال رسائل الدكتوراه.
الإجابة عن كيف تتجنب السرقة العلمية؟ هي بأن تتعرف أولاً على مفهوم السرقة العلمية وكيف يتم الوقوع فيها بقصد وبغير قصد، و كذلك تتعرف على أنواعها، ثم تتعرف مباشرة على توثيق الاقتباسات.
وتوثيق الاقتباسات هنا يلزمك التعرف عليه بكامل بخصائصه ومحدداته، فالتوثيق هو الأساس في تجنب السرقة العلمية، كما لابد من وضع الميثاق الأخلاقي للبحث العلمي نصب العينين وتنفيذ البحث في إطاره.
أضف بريدك الالكترونى ليصلك كل جديد.